الولي الكامل الشيخ محمد الأمين ولد عبد الوهاب ولد أحمد إجيد القلقمي 1250 هجرية 1332هجرية
الشيخ محمد الأمين ولد عبد الوهاب ولد أحمد إجيد ولد محمد المختار ولد الطالب عبد الفتاح القلقمي . ولي كامل وعالم رباني .
ولد وتربى في بيئة ربانية ديدنها الالتزام والوقار والوجل من الخالق والرأفة بكل مخلوق.
تربى في حضن والده عبد الوهاب ودرس عليه القرآن ؛ قبل أن يوافيه الأجل المحتوم ولما يتجاوز الشيخ محمد الأمين سنته التاسعة ، فارتحل إلى أخيه لأم أحمد إجيد ولد الب الفلالي وأخذ عليه إجازة نافع ودرس عليه الفقه واللغة وأبوابا من صحيح البخاري . ثم تاقت روحه إلى التصوف ، فارتحل إلى الشيخ محمد فاضل وأخذ عليه العهد وألبسه الخرقة ، ففتح الله عليه في علم الأصول والنحو والبيان والعروض والحديث والتفسير ، وبلغ الغاية القصوى في علم التصوف في ثلاثة أعوام حتى ظهر على يده من المكاشفات ماقطع به على أنه من أهل الاستقامة الذين صح لهم الإرث النبوي ، فأذن له الشيخ محمد فاضل بالتربية وأمره بالرجوع إلى أهله ، فعاد محملا بأنوار العلم والتصوف ، وجلس في حيه يعلم الناس ويرشدهم إلى مافيه سعادتهم ، فتوافد عليه طلاب العلم والتربية من مختلف أنحاء الوطن .
وقد مكنه ذلك من تأسيس زاوية عالمة بمنطقة كوش كان لها إسهامها الواضح في رسم معالم خريطة العلم والتصوف بالمنطقة وبث روح المحبة والتسامح في ربوعها.
ويبدو أن تتلمذه على الشيخ محمد فاضل لم يأت صدفة ، حيث أورد الشيخ محمد فاضل ولد الحبيب في كتابه الضياء المستبين مانصه : ” …. وحدثني أيضا الاخ الصالح محمد الأمين ولد عبد الوهاب أنه كان قبل إتيانه إلينا رأى أن شيخنا قال له: ( ائتني) ثم أتاه أيضا بعد ليال وقال له: ( ألم أقل لك ائتني ) فقال : (لم أتحقق أن القائل أنت ) ، فقال له الشيخ :(بل هو أنا فانظر إلي فإني شبيه بالحضرمي ) يعني ابنه …..”
مثلت ثنائية العلم والتربية – التي كانت سمة مميزة لزاوية الشيخ محمد الأمين – عاملا حاسما في إقناع جموع غفيرة من مختلف الجهات بالتوافد إليه والرغبة فيما عنده .
ومن ضمن من ارتوى من معين زاويته نذكر مثالا لاحصرا :
١- ابنه الأكبر : يب ولد شيخنا
٢- الشيخ الطالب جدو ولد مولاي
٣- محمد الإمام ولد حامدين العلوي
٤- أحمد العزيز ولد محمد لالي التنواجيوي
٥ – محمد فال ولد سيد عبد الدايم الجكني
٦ – الشيخ عبد القادر ولد السيد القناني
٧ – سيد عبد الله ولد أعمر ولد عثمان التنواجيوي
٨ – الشيخ محمد محمود ولد الزبير لعبلي
٩ – الشيخ محمد الكرامي ولد ما يأبى الجكني
١٠ – محمد الأمين ولد محمد ( بوشريويطه)
١١ – المحفوظ ولد سيد أحمد القلقمي
١٢ – الشيخ محمد أحمد ولد أهل الياس الجماني
١٣ – احميتي ولد محمد المختار الداودي
١٤ – الطالب بوبكر المحجوبي
١٥ – محمد عبد الله ولد فضيلي القلاوي
١٦ – اكبير المعنى ولد عبد الدايم الجكني
١٧ – محمدو ولد أعمر دوكرى
١٨ – محمد ولد آد الجكني
١٩ – أحمد ولد عبدي أهل سيد
٢٠ – أحمد ولد حمادي أهل سيدي
٢١ – المصطفى ولد الشكار إبباتن
٢٢ – سيد محمد ولد ابراهيم ولد أدخن التجار
امتازت زاوية الشيخ محمد الأمين بالاهتمام باللغة والشعر ، فتبارى مريدوها في قرض الشعر مدحا ورثاءا وسجالا وتقريظا ، ونموذج على ذلك نورد:
– طائية ابنه يب في السجال ، والتي مطلعها :
حط العوالي ورفع غيرهم شطط قل للذين ادعوه أنهم غلطوا
أيحكمون بحكم ليس يحكمه حكم المهيمن إن حكمهم شطط
قد حاولوا نيل ما لن يدركوا أبدا سيقنطون كما أمثالهم قنطوا
– مديحية أحمد العزيز ولد محمد لالي له ، ومطلعها:
إذا حج تعذر أو مزار تيسر حج بيتك والجوار
– مديحية الشيخ محمد الكرامي له ومطلعها :
ماسير مية يوما فوق أنماط حمر الشيات على عركرك ساط
– هائية محمدو ولد أعمر دوكرى في رثائه ، مطلعها :
ما للمكارم في ارتفاع بكائها فكأنها ثكلت على أبنائها
مابالها عبراتها لاتنقضي تنهل دائمة بحر دمائها
– دالية الشيخ محمد الكرامي في مدحه ، ومطلعها :
بدر الدجى والهدى بزغت في وادي وعر السحى بينما غور وأطواد
أجراه بحر اللغى من فيض مزنته واختط ماصح في الإنشاد عن شاد
– عينية محمد عبد الله ولد محمد الصغير في رثائه ، ومطلعها :
لئن طفقت عيناك تسكب مدمعا لمحقوقتان أن تسحا وتدمعا
– مديحية محمد الأمين ولد محمد له ، مطلعها :
أمن تذكرك الديار قد دمعت عيناك أم من حذام زانها شنف
أم فتية كالنجوم حول حيهم مجرى السوابق بالجياد قد ألفوا
حملت زاوية الشيخ محمد الأمين على عاتقها عبئ المنافحة عن منهج ثنائية العلم والتربية وعن الورد الفاضلي خصوصا ، وقد تمثل ذلك في السجال العلمي المشهود الذي وقع بين الشيخ محمد الأمين و العلامة محمد يحيى الولاتي ، والذي انتهى بعد احتضان
إمارة أهل المحيميد لمناظرة فريدة بين الشيخ محمد يحيى ووفد الزاوية بقيادة يب ولد الشيخ محمد الأمين ، انتهت بتسليم الشيخ محمد يحيى وإقرار الأمير محمد المختار بذلك وطي صفحة النزاع.
كان للشيخ محمد الأمين ولد عبد الوهاب ارتباط وثيق بالمجاهدين عن طريق الشيخ ماء العينين ، حيث كلف إبن عمه محمد الأمين بوشريويطه بتسليم رسالة خاصة إلى الشيخ ماء العينين . كما تولى ابنه يب قيادة ركب أهل الحوض الشرقي إلى الشيخ ماء العينين عام قدوم الوفود ( الاركاب) إليه .
وكانت بصمات الشيخ محمد الأمين ظاهرة في جهاد الكدية ، حيث أفتى للمجاهد الشيخ ولد عبدوك المشظوفي وجماعته بالجهاد وذلك عندما تنقل نحو مخيم القلاقمة طالبا الحكم الشرعي في التعامل مع الفرنسيين الذين غزوا المنطقة . وكان المستفتي ينوي الجهاد إلا أنه يريد حكما جازما وراجحا في المسألة ، فكان رد الشيخ محمد الأمين واضحا وفاصلا يقضي بوجوب الجهاد .
اعتمد الشيخ ولد عبدوك ورفاقه الفتوى ، فتعاهدوا وأقسموا على الجهاد عند آجوير ادياده .
ألف الشيخ محمد الأمين عدة مؤلفات نذكر منها مثالا لاحصرا :
– نصيحة علماء الإسلام، التي أرسلها لمريديه في ولاته ، ولعلها السبب في السجال مع الشيخ محمد يحيى الولاتي
– وصية الأحباب في بعض مايوصل لرب الأرباب
– مؤلف حول وجوب تقدير آل البيت
– مؤلف حول النسبة القلقمية
– أدعية وابتهالات
توفي الشيخ محمد الأمين ولد عبد الوهاب ولد أحمد إجيد سنة 1332 هجرية عن عمر ناهز الثمانين . مخلفا منهج تربية وتعليم عض إبناؤه ومريدوه عليه بالنواجذ ليتواصل العطاء السخي لزاويته كأثر يقتفى ومثال يحتذى .
دفن رحمه الله بوادي آرشان الذي يعد اليوم مزارا لمريديه ومحبيه .
رحمه الله ونفعنا ببركته وألهمنا التأسي والاسترشاد بمنهجه الرباني الميمون .
